الحوكمة
في القطاع الرياضي بين الواقع والطموح
بقلم د.خليفة الفتحي
ظهر
مصطلح الحوكمة في أواخر القرن الماضي، وكانت أهم أسباب ظهوره تضارب المصالح بين
أطراف العلاقة عند فصل الملكية عن الإدارة في القطاع الخاص، إذ جاءت الحوكمة لتنظم
العلاقة وتضع لها الأطر التي تحكم هذه العلاقات بين أطراف المصلحة، ثم أنتقل هذا
المصطلح لمؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وشمل كل القطاعات ومنها القطاع الرياضي،
فبدأت المنظمات في المجال الرياضي تتبع خطوات المنظمات الأخرى في باقي القطاعات
بوضع الأطر العامة لتطبيق الحوكمة في المؤسسات التابعة لها في هذا لمجال، إذ لا
يزال تطبيق الحوكمة في هذه المؤسسات غير إلزامي، إنما هو إرشادي وتوجيهي، فهل يا
ترى سوف نرى هناك إجبار من قِبل الجهات المنظمة للعمل الرياضي بتطبيق الحوكمة داخل
مؤسساتنا الرياضية؟!!
وأترك
هذا السؤال مفتوحاً للمهتمين والباحثين والمعنيين لدراسة أبعاد ذلك من النواحي
الايجابية وكذلك السلبية.
وأصبحت
الدول تصنع البرامج والمبادرات والخطط المرتبطة بالحوافز من أجل تطبيق الحوكمة،
وهذه الخطوة المؤثرة الأولى في تطبيق الحوكمة على مستوى المؤسسات الراعية
والمنظمات الدولية.
وقد
يعود سر نجاح بعض الدول واهتمامها بالمبادرة لتطبيق الحوكمة وجود المحددات اللازمة
لتطبيقها على المستوى المحلي، فالجدير بالذكر أن هذه الدول لديها القوانين المنظمة
للقطاع والانظمة واللوائح والتوجهات الاستراتيجية العامة الواضحة، وهذا ما يعرف
بالمحددات الخارجية، كما أن لديها المحددات الداخلية المتمثلة في التوجهات
الاستراتيجية الخاصة بقطاع الرياضة والهياكل التنظيمية التي تخدم هذه التوجهات
ولوائح العمل وقوانينه المنظمة للعمل داخل المؤسسات الرياضية، وتعمل هذه المؤسسات
تحت منظومات رقابية فاعلة، مما يؤهلها للعمل على تطبيق الحوكمة بشكل أكبر وأكثر
وضوحاً من تلك المنظمات الدولية.
وعند
الحديث عن الحوكمة من الجيد التطرق للفرق بينها وبين الرقابة، فهناك العديد من
المختصين يخلطون بين هذين المصطلحين، ففي حين أن الحوكمة هي نظام للضبط الإداري
والمالي وضبط القرارات، فأن الرقابة هي الأداة التي من خلالها يتم التأكد أن جميع
القوانين والسياسات ولوائح العمل وكذلك الإجراءات وضعت بالشكل الصحيح الذي يحقق
الأهداف والمؤشرات المطلوبة، وبالتالي يتضح هنا أن هناك فرق بين الحوكمة والرقابة
ولا يجب الخلط بينهما في أي حال من الأحوال.
وبذلك
فأن تطبيق الحوكمة يتطلب نشر ثقافتها بين المعنيين بتطبيقها في القطاع الرياضي،
كما أن على مؤسسات القطاع الرياضي الاهتمام بالشفافية فيما يتعلق بكل ما يجب
الإفصاح عنه في هذا القطاع؛ إذ أن ذلك من شأنه أن يدعم عمليات المشاركة من قِبل
الشركاء والداعمين لها، ويجعل عمليات الرقابة والمتابعة أكثر شمولية، إذ تشمل هذه
الأطراف وتجعلها أكثر فاعلية لتساهم في عمليات صياغة واتخاذ القرارات في المجال
الرياضي ومتابعة تنفيذها فيما بعد.
إن
الحوكمة ليست الأداة السحرية التي من خلالها سوف نصلح كل ما يحتاج للإصلاح، أو
نحارب بها الفساد في المؤسسات الرياضية، ولكنها هي الأداة التي سوف تساعد النزهاء
من أصحاب القرار والمتابعين لهذا القطاع والمهتمين به لمحاولة التصدي للعديد من
مظاهر الخلل التي يعاني منها القطاع الرياضي.
إرسال تعليق