المتطلبات
الأساسية لأطر الحوكمة في المجال الرياضي
أضحت الحوكمة من الموضوعات الهامة على
كافة المؤسسات الرياضية الإقليمية والدولية خلال العقود القليلة الماضية، كنتيجة
مباشرة للقصور في آليات الشفافية، وافتقار الإدارة إلى الممارسة السليمة في
الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة، التي أثرت بالسلب في كل من ارتبط بالتعامل
معها، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وقد عرفت الحوكمة في المجال الرياضي
بانها العملية التي يحدد من خلالها مجلس الإدارة التوجه الاستراتيجي والاولويات،
ويضع السياسات وتوقعات الأداء، وتوصيف وإدارة المخاطر، ويراقب ويقيم الإنجازات
التنظيمية للإدارة من أجل ممارسة مسؤوليتها أمام المنظمة وأصحابها.
ولم يكن تطبيق معايير الحوكمة في
المجال الرياضي من الأولويات عند كثير من الدول رغم الأموال الضخمة التي تضخ فيها،
والعوائد الكبيرة التي أصبحت رافدا مهما في اقتصاداتها، الا بعد ظهور فضائح فساد
في بعض الاتحادات الرياضية واعترفت بها المنظمات الرياضية الدولية وأصبحت أمام
تحدي لحماية سمعة الرياضة، وقد تنوعت اشكال الفساد ما بين الرشوة والمنشطات
والتلاعب بالنتائج وعدم وجود نزاهة وتضارب للمصالح، وكان دافعا رئيسيا للمطالبة
بتطبيق الحوكمة في المجال الرياضي.
وقد واجهت الاتحادات الرياضية تلك
الازمة بإجراء تغييرات على أنظمتها ولوائحها، وتبعتها بعض المنظمات الرياضية
الأخرى بعقد الندوات والمؤتمرات والاجتماعات بهدف وضع مبادئ رئيسية ومؤشرات أساسية
تلزم جميع المؤسسات الرياضية بتطبيقها، وكذلك قامت بعض الدول من جهتها بإصدار دليل
او إطار لتطبيق قواعد الحوكمة على كافة مؤسساتها الرياضية.
والمبادئ التوجيهية التي تم الاتفاق
عليها تضمنت ضرورة وجود أساس لإطار فعال لحوكمة المؤسسات الرياضية يزودها
بالإجراءات والسياسات التي تحدد الأسلوب الذي من خلاله تدار العمليات بكفاءة،
إضافة الى انه يوجهها لأفضل الممارسات للتأكد من حسن سير العمل والوفاء
بالتزاماتها وضمان تحقيق أهدافها بشكل سليم، والرقابة على أداء مجلس الإدارة مما
يساهم في الحفاظ على مصالح جميع الأطراف.
وتهدف الحوكمة في المجال الرياضي الى
تحقيق مبدأ المسائلة والنزاهة والعدالة والشفافية في استخدام الموارد وتحقيق تكافؤ
الفرص بين المواطنين، وحماية مصالح الأطراف ذات العلاقة، وانشاء أنظمة فعالة
لإدارة المخاطر وتحقيق الاستقرار المالي، مما يؤدي الى تحقيق رؤية الدولة، ومن
فوائده دعم ثقة أصحاب المصلحة بقرارات المؤسسة، وتشجيع الاستثمار بالرياضة
والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.
من هذا المنطلق، ومع تزايد مطالبات
الاتحادات الرياضية الدولية بالتحول لنظام الاحتراف وانشاء الشركات الرياضية، شرعت
بعض المؤسسات الرياضية العربية التي تعاني من مشكلة توفر التمويل، او استغلالا غير
أمثل لها، وضعف الإمكانات الإدارية الى الاهتمام بتطبيق مبادئ الحوكمة وبدأت
بإنشاء أطرا عامة تكون دليلا ارشاديا كاملا لكافة سياسات الحوكمة، وتعتمد على
المبادئ والممارسات التي تهدف الى تحسين جودة وفعالية الأداء.
لكن بعض تلك المؤسسات الرياضية العربية
ستواجه بعض التحديات المتمثلة في الصراع الداخلي مثل فوضى التنظيم، وعدم وجود
رؤية، وفقدان للشفافية، وضعف الرقابة الداخلية، وآخر خارجي يتمثل في الاستقرار
السياسي، وسيادة القانون، والإرادة الحكومية، ومكافحة الفساد.
ومن أجل تمكين تلك المؤسسات من وضع
الأطر المناسبة التي تتوافق مع تطبيق مبادئ الحوكمة نرى انه ينبغي أن تبدأ الدول
بشكل جاد بالتوعية بأهمية وجودها، وبالفوائد التي قد تنعكس على الأداء العام
للرياضة، وتهيئة البيئة التشريعية المناسبة لها، وتحديد الأولويات التي يمكن اجراء
التحسينات فيها، وإقامة الدورات المتخصصة بنشر ثقافة الحوكمة، وانشاء هيئة مستقلة
تشرف على تطبيق الحوكمة وتقييمها، واهمية وجود مؤشرات بمعايير واضحة لقياس الأداء.
10/4/2022
إرسال تعليق